النظام العراقي الجديد وثقافة التنصل من المسؤولية

بواسطة » الوقت \ التاريخ : عدد المشاهدين : 654 views » طباعة المقالة :

 

د. ولي علي
تكتظ القنوات التلفزيونية والاذاعات وكافة وسائل الاعلام العراقية منذ سبعة عشر عام بآلاف المقابلات واللقاءات، والتي يكون ضيوفها بالعادة (نواباً، اعضاء مجالس محافظات، وزراء، مسؤولين حكوميين، قادة سياسين، محللين…) لمناقشة مختلف الموضوعات، ويظهر من معظمها، إن لم نقل من جميعها، ان المتحدث مهما كانت صفته وحدود مسؤوليته بالموضوع محل البحث (ينفض يده) معلناً براءته من التبعات، وملقياً بها على من سبق أو على جهة ثانية، او يصور نفسه بوضع المجبر والمكره على تحمل المسؤولية أو انه يجهل الطرف الذي تقع على عاتقه المساءلة، وفي كل الاحوال، يخرج نفسه من دائرة المسؤولية، وبخطاب محايث لذلك، نسمع ادانة جماعية للفساد وسوء الادارة ولكل النواقص التي تعتور النظام والحالة العراقية، وكأنهم يقولون، ان اقواماً نزلت من السماء او خرجت من باطن الارض، او زمرة اشباح، هي المسؤولة عن كل هذه التداعيات والخراب، وهو حديث يتضمن في طياته (استخفافاً واستهانة، بل سخرية) بالمستمع والمتابع، الذي يسمع وزيراً تسلم زمام الامور لاربعة سنوات، وكانت يده مبسوطة، وقد عاث في وزارته فساداً، ثم يتحدث اليوم عن انجازات ذهبية قام بها، او يقدم مشورة لما ينبغي فعله بما لم يفعله عندما كان في سدة المسؤولية، فضلاً عن انه لم يقدم على الاعتراف ولو بتقصير او خطأ بسيط تم ارتكابه خلال مرحلته.
ان ثقافة التنصل من المسؤولية لم تقف عند حدود حديث الاشخاص، بل سرى دائها حتى الى الاجراءات والتبعات القانونية، فقد صك اسماعنا حديث المطالبة بالحسابات الختامية في اكثر من دورة برلمانية، وبالمقابل لم نشهد ولا مرة واحدة معطاً حقيقياً للمحاسبة على اثر تلك الحسابات، سواء للجهة التي تمتنع اصلا من تقديم الحسابات الختامية او لمن يظهر تورطه في انفاق المال العام بغير وجه حق، وهكذا عشرات لجان المتابعة والتقييم والحساب والمؤسسات المعنية بذلك والتي تنفق ميزانيات تشغيلية ضخمة بدون جدوى، دون أن نتلمس آثاراً حقيقية لمكافحة الفساد وايقاف عجلته.
يطالعنا الكثير ممن يريد الضحك على ذقون الناس، واستغفالهم في الموسم الانتخابي او في اطار معركة الصراع السياسي، وهو يتحدث عن موبقات الارض كلها على انها من فعل الحكومة الحالية وادارتها، و(انا هنا لست في معرض الدفاع عن هذا او ذاك)، ولكن بقاء ثقافة التنصل من المسؤولية راية يسلمها جيل الى الذي يليه، دون ان يكون هناك وقفة شجاعة جادة تسمي الاشياء بمسمياتها، وتحمل قهرا كل ذي مسؤولية مسؤوليته، سيبقي دوامة الفشل والفساد والخراب دون توقف، ولن يكون هناك أي أمل لأصلاح حقيقي، فهل من المعقول، ان العراق اصبح مفلساً ومديناً بين ليلة وضحاها، وهل من المنطقي، ان كل المشاريع والاستثمارات كانت تسير على اكمل صورة ثم فجأة تعطلت بفعل ادارة هذه الحكومة، وهل ان علاقات العراق كانت متوازنة ومتماشية مع حاجاته ثم اصبحت في حالة مختلة، وهل ان المؤسسات والدوائر والقطاعات كافة كانت بيضاء اليد ثم تورطت بالفساد بدون سابق انذار في ظل الحكومة الحالية؟!!
ان هذه الاسطوانة المشروخة يدركها كل العراقيين من كبيرهم الى صغيرهم، فقبل ان نتحدث عن مبيعات النفط الحالية وموارد المنافذ الحدودية وغيرها من مداخيل العراق، لا بد ان نتحدث عن مئات المليارات التي تم اهدارها وسرقتها وتضيعها بسياسات رعناء ومحاصصة مقيتة وفساد وقح، تجاوز على المال العام، وبدد ثروات العراق ومدخولاته في ازمنة ذهبية، وصل سعر النفط فيها الى اكثر من 140 دولاراً، كما ان تلك السياسات، ضيعت فرص دعم عالمية، اجتمع فيها العالم من شرقه الى غربه، ليقف الى جانب العراق، ومع ذلك لم يتم استثمار الامور بالشكل الصحيح.
ان الانصاف، ان نحمل كل جهة مسؤوليتها على وفق الفرص والامكانات المتاحة لها، فلا يتساوي من ملك ثماني سنوات من متسع العمل مع الذي يحكم خلال اشهر محدودة، وهكذا حجم القدرات الاقتصادية والثروات والظروف السياسية، ولا بد ان تكون مساءلة البدايات اعظم واكبر واشد من مساءلة النهايات، لان النهايات محكومة بتداعيات البدايات، ولان فرصة الاصلاح والعمل في البداية اكبر بكثير من النهايات التي تضيق بها الافاق، وتصبح الخيارات محدودة وفقيرة.
ان هذه الحكومة مطالبة بان تتحمل مسؤولياتها بشجاعة، ولكن في حدود ما متاح لها من ظروف وفرص وامكانات، وفي ظل ما ورثته من اوضاع سياسية واقتصادية معقدة، ولكن في الوقت نفسه لا بد ان تتحمل كل الجهات التي سبقتها مسؤوليتها الاخلاقية والشرعية والقانونية، وان هذا التحمل ليس منة او فضلاً او ميزة يتفاخر بها من يقوم به، بل هو احد التوابع المهمة والاساس لمضمون تحمل التكليف والمسؤولية، ففي ذات الوقت الذي يقبل به اي احد الوظيفة الحكومية مهما كان مستواها ودرجتها، فانه يقبل ضمناً المساءلة والمحاسبة، وملزم بتحمل مسؤوليته عن كل تقصير كان بسببه بشكل مباشر او غير مباشر.
ان الموسم الانتخابي، وارضية التنافس ا

لسياسي تغذي بشكل مخجل عهر تقاذف المسؤولية، والتنصل منها، وان منهج الاستهداف السياسي الذي يمارسه المعظم عبر استغفال العقول واظهار العراق بانه جنة خضراء قبل مجيء هذه الحكومة، وان الاحوال كلها تردت خلال هذه الفترة، لن ينطلي على الناس، ويدرك الجميع مسلسل الخراب والفساد منذ الحلقة الاولى وحتى نهاياته، ويحفظون ابطاله عن ظهر قلب،وان ذاكرة العراقيين حديدية، ولم لن ينسوا أحدا ساهم في خراب بلدهم من السابقين واللاحقين.

1

التعليقات :

اكتب تعليق

السوداني يوجه بالإعلان عن مشروع مدينة الصدر الجديدة
فتح باب التقديم على رئيس مجلس الخدمة العامة واعضائه
للاستخبارات والامن تطيح بعصابة تتاجر بالعملة المزورة في بابل
البنك المركزي: نسبة الائتمان النقدي ترتفع خلال عام 2023
تأثير مشاهير المحتوى السلبي في مواقع التواصل الاجتماعي على المجتمع
اللغة العربية في عالم الذكاء الاصطناعي.. فاعلة أم تابعة؟
الخزعل يبحث مع  عبد المهدي تطورات الأوضاع في البلاد
 قرار المحكمة الاتحادية: مفوضية بغداد ستجري انتخابات كردستان
بالجرم المشهود .. الأمن الوطني يضبط كميات كبيرة من الأسلحة والأعتدة
 السوداني يستقبل رئيس لجنة الاتحاد الروسي للمصنعين ورجال الأعمال
قرار المحكمة الاتحادية بشأن توطين رواتب موظفي إقليم كردستان
 نيجيرفان بارزاني: عدم تطبيق الفدرالية هو مصدر مشاكل العراق
القائد العام للقوات المسلحة العراقية يترأس جلسة للمجلس الوزاري للأمن الوطني
السوسن العالمية تتوّج الصحفية إسراء الجوراني بلقب ملكة جمال الصحافة في العراق للعام ٢٠٢٤
تقرير حكومي يكشف ان وزارة الكهرباء حصلت على المرتبة الأولى من بين الوزارات والمؤسسات الحكومية للاستجابة للشكاوى للمناشدات.
تسجيل الوكالات والمواقع الإلكترونية وفق معايير ورسوم 150 الف سنويا”
برومو لمادة فلمية ذكرى تاسيس وزارة الداخلية 9 كانون
هيئة الإعلام ماضية بدعم المؤسسات الإعلامية في إطار مسؤوليتها القانونية ومكافحة الابتزاز الإلكتروني
ابتزاز من جهات فاسدة لإيقاف حملات التوعية للمجتمع العراقي
 السوداني يعلن إطلاق العمل في مشروع مدينة الجواهري الجديدة ويؤكد قرب الإعلان عن 10 مدن أخرى
العراق والاردن يبحثان تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين
فرحة أهالي الموصل بتحرير الفلوجة
داعش يدرب كلاباً مسعورةً لإفتراس 10 اشخاص من الموصل
معهد الدراسات الموسيقية يقيم حفله السنوي
ذي قار الخيكاني: يبحث مع الناصري المشاريع التي تنفذها الوزارة في المحافظة
التعليم تخول الجامعات صلاحية اضافة خمس درجات للطلبة الراسبين والمحملين
الفنون الجميلة: أبوابها للتقديم في أقسامها العلمية للعام الدراسي 2014 – 2015
مؤسسة السوسن تتوج البلوغر ميشال حداد بلقب ملك جمال العرب لعام ٢٠٢٢
تدمير خمسة عجلات مفخخة يقودها انتحاريين في منطقتي الهياكل والنعيمية
“الثقافة تحتفي بالجابري سفيراً للغه العربيه .
داعش يخلي مستشفى الموصل العام من المسنين
حملة شبابية تتبنى مساعدة الفقراء 
شبكة العلاقات والاعلام تتابع حقائق التعيين في المخابرات العراقية
العمل تسترد اكثر من 292 مليون دينار من المتجاوزات على اعانة الحماية الاجتماعية للنساء
نائب رئيس مجلس الوزراء- وزير التخطيط يلتقي في الرياض وزير التجارة السعودي، ويبحثان تعزيز الشراكة الاستراتيجية في اطار المجلس التنسيقي المشترك
وزير التخطيط، يترأس اجتماعا موسعا لفريق المبادرة الوطنية لدعم الطاقة
وزارة التجارة : مجلس بغداد غير مخول في القانون باستقطاع مبلغ الف دينار
رئيس هيئة إستثمار بغداد / هنالك (77) مشروع سكني إستثماري في العاصمة ستوفر (130) الف وحدة سكنية
  صحف الخميس تهتم برفض نقابة الصحفيين فرض رسوم على وسائل الإعلام وما تمخض عنه لقاء الصدر ـ الحكيم  
العمل : خطة لتنفيذ برامج ودورات خاصة بشبكة الحماية الاجتماعية بالتعاون مع الاتحاد الاوربي
"عيون " تحتفي بالمبدعين من الفنانين والإعلاميين لعام 2015. " وفد رابطة الإعلاميين الشباب يطمئن على صحة المراسل الحربي "علي نجم" إعدام صوت الحق والحرية الشيخ نمر باقر النمر الأعمار:  شركة أشور العامة توقع عقدا مع مديرية البلديات العامة لتنفيذ عدد من المشاريع الخدمية في المثنى وذي قار الاعرجي: ينتقد بشدة ضرب التحالف للجيش العراقي ويطالب بتسليم الجناة فورا للقضاء العراقي البصرة عاصمة لقمع حرية التعبير وهجرة الصحفيين!!. التركمان يعلنون قرارهم من "تكنوقراط" العبادي الجابري: تشرفت خشبة المسرح الوطني باعتلاء الفنان عبد المرسل الزيدي قبل رحيله الحكيم يدعو لتقييم جاد وعلمي للحكومة العراقية بمناسبة مرور عام ونصف على تشكيلها الخيكاني يبحث مشروع تنفيذ الطرق الحدودية الرابطة بين العراق والدول المجاورة الدراجي: يعقد اجتماعاً لبحث آليات العمل بعد عملية دمج الشركات الدكتورة أمال كاشف الغطاء تحاضر عن علاقة الدين بالدولة الراوي....جهودنا مستمرة لمواصلة لم الشمل بين طوائف شعبنا الرمادي تحررت من داعش السيف مقابل اللسان الفتلاوي :تدعو وزارة الصحة الى تخصيص مليارين لعلاج مرضى الثلاسيما في ذي قار الفتلاوي: يجب أبعاد أدارت صحة ذي قار والتربية عن المحاصصة الحزبية الفهداوي: يفتتح محطة كهرباء الديوانية الغازية بطاقة اجماليه 500 ميكاواط الكيمياء الحياتية الطبية في كلية طب المستنصرية يباشر بتدريب الطلبة في المركز الوطني لعلاج وبحوث السكري المالكي: يدعو نقيب الصحفيين ورؤساء النقابات المهنية الى الطعن بفقرة رفع الدعم عنها المرصد العراقي للحريات الصحفية يدين اعتداء عناصر من قوات سوات على صحفي في الديوانية الموارد المائية تعلن عن تأسيس جمعية للمنتفعين من المصدر المائي المشترك الوائلي:  تحرير الرمادي تحقق بالإرادة والإصرار والدماء الزكية لأبناء الشعب العراقي الوائلي: الحكم بالإعدام على منفذي جريمة سبايكر قد أنهى الخطوة الأولى في هذه القضية " الوسطية والإعتدال هما الطريق الأصلح لإدارة البلاد بيان صادر من قيادة العمليات المشتركة/ خلية الاعلام الحربي تنعى رابطة الإعلاميين والصحفيين الشباب الزميل حميد عكاب مدير قناة العهد الفضائية جهاز مكافحة الارهاب يعلن اعتقال 12 عنصراً من "داعش" في الرمادي حزب الدعوة الاسلامية يستنكر اعدام الشيخ المجاهد نمر النمر في السعودية خطيب جمعة المنطقة الخضراء: التحدي الاقتصادي الذي يواجه العراق اخطر من داعش ذَهَبَتْ سَنَةٌ فَهَلْ يُقبلُ عَامٌ؟! رأي اليوم ... إعدام عالم الدين الحر الشيخ نمر النمر رئيس البرلمان : المجتمع الدولي مطالب بتحمل مسؤولياته إزاء حالة الدمار والمآسي التي تشهدها المناطق المحررة رئيس البرلمان : تحرير الرمادي انكسار لشوكة داعش ونقطة انطلاق لتحرير نينوى رابطة الإعلاميين والصحفيين الشباب تنعى ( سيف طلال وحسن العنكبي) من قناة الشرقية صحف اليوم: تهتم بـ تداعيات إعدام النمر وتعهد الحكومة بتوفير رواتب الموظفين والمتقاعدين خلال العام الجاري طـــل الصبــــاح أولك علوش عمليات بغداد: احباط عملية انتحارية عيد ميلاد سعيد والدعو الى التعايش والتسامح والمحبة قائد عمليات الانبار :انطلاق عملية عسكرية لتحرير قاطع شرق الرمادي كورك "تيليكوم" تشارك الطائفة المسيحية احتفالها في مبادرة إنسانية مقتدى الصدر يجدد دعمه للأسرة الصحفية العراقية ويشيد بتضحياتها منع وسائل الإعلام العراقية من تغطية فعاليات مؤتمر البرلمانات الإسلامية في بغداد نقيب الصحفيين يحذر من تهميش الاسرة الصحفية ويؤكد : سيكون ردنا قاسيا لا تتوقعه الحكومة والبرلمان وزيرة الصحة والبيئة توعز بتخصيص جناح لمعالجة جرحى الحشد
استفتاءات

رأيك بتصميم الموقع

View Results

Loading ... Loading ...
تابعونا على الفيس بوك