لست مع الحروب لكن تحرير ناغورني قره باغ واجب

حسين فوزي
ما يجري طيلة الأسبوع الماضي بين القوات الأذربيجانية والأرمينية في إقليم ناغورني قره باغ هو حالة متوقعة، في ظل تمكن القيادة الأذرية من صياغة تحالفات إقليمية لمصلحة سياستها الرامية إلى استرجاع الإقليم الذي احتلته ارمينيا عام 1988، خلال فترة تداعي الاتحاد السوفيتي.
لجأت باكو منذ بدء النزاع على الإقليم إلى المنظمات الدولية، على رأسها الأمم المتحدة ومجلس الأمن فيها، وكانت جميع القرارات الدولية تطالب يريفان بالانسحاب من الإقليم، الذي كان وسيظل جزء من ارض أذربيجان، ليس فقط بحكم طبيعة موقع الإقليم في قلب أذربيجان، إنما بفعل كل المواثيق الدولية منذ سقوط الإمبراطورية العثمانية.
وبغض النظر عن قرارات الزعيم السوفيتي جوزيف ستالين بربط الإقليم “إدارياً” بسلطات يريفان، كون أغلبية السكان من الأرمن، عام 1923، ووضع إقليم ناخشتفيان الذي في قلب أرمينيا تحت السلطة الإدارية لباكو، كون غالبية مواطنيه أذريين، وهي المعادلة التي بخرها الواقع المعاش لاحقاً، فأن السلطات الأذرية حرصت على مواصلة المساعي السلمية للتفاهم مع يريفان، بشأن التراجع عن ممارسة القوة في كسر علاقات حسن الجوار التي تسعى لها، خصوصاً وأن باكو لم تطالب بالإقليم الأرميني الذي وهبه إدارياً لها “الرفيق” ستالين.
إن أي داعية للسلم والتعايش بين الشعوب، لا يمكن له أن يصفق للحرب، ولا يمكن له أن يسكت عمن يصب الزيت على نار النزاع بين البلدين، لكن في الوقت نفسه لا يمكن السكوت عن الاحتلال…ولا يمكن عدم تفهم ما أقدمت عليه سلطات باكو، بعد صبر طويل استمر لأكثر من 30 عاماً، كانت فيها يريفان تحرص على تحشيد تحالفات خفية تسلحها لتتمكن من الحفاظ على احتلال الإقليم، الذي حولته إلى جمهورية مزعومة لم تعترف بها حتى يريفان نفسها.
إن مهمة التحرير التي تتصدى لها باكو اليوم هي قضية تستدعي الاحترام والتعاطف برغم الدماء التي تسيل، والمفترض بيريفان حالياً القبول بالقرارات الأممية الصادرة عن مجلس الأمن وبالتحكيم الدولي الذي لم يستطع تجاهل الحقوق المشروعة لسيادة أذربيجان…
أما بالنسبة للمواطنين الأرثدوكس وبقية المسيحيين في الإقليم، فهم عاشوا بسلام مع بقية غالبية شعب أذربيجان، كما يمكن لسلطات باكو توفير صيغة إدارية وسياسية لتطمينهم، من خلال صيغة الحكم الذاتي في إطار سيادة الدولة الأذرية.