اليوم العالمي للغة العربية: احتفاءٌ بالهوية والإرث

شبكة (ع.ع) .. يُصادف يوم 18 ديسمبر من كل عام الاحتفاء باليوم العالمي للغة العربية، تلك اللغة العريقة التي تُعدّ واحدةً من أقدم اللغات الحيّة وأكثرها تأثيرًا في تاريخ الإنسانية. أقرّت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة ( اليونسكو ) هذا اليوم عام 2012 اعترافًا بأهمية اللغة العربية ودورها الفاعل في نشر الثقافة والمعرفة وتعزيز التفاهم بين الشعوب.
اللغة العربية إرث حضاري ومعرفي وليست مجرد وسيلة للتواصل، بل هي وعاء حضاري يحمل في طياته تاريخًا ثريًا من العلوم والفنون والآداب. كانت العربية لغة العلوم في عصور الازدهار الإسلامي، حيث أسهم العلماء العرب والمسلمون في مجالات الفلك، الطب، الهندسة، والرياضيات من خلال مؤلفاتهم المكتوبة بهذه اللغة. كما أنها اللغة التي حفظت الشعر الجاهلي والقصص والأساطير التي تُعتبر من أرقى أشكال التعبير الأدبي.
رغم مكانتها المرموقة، تواجه اللغة العربية العديد من التحديات التي تهدد استمراريتها، مثل تراجع استخدامها في الحياة اليومية لصالح اللغات الأجنبية، وضعف الاهتمام بتعليمها وتطوير مناهجها. كما أن تأثير العولمة والتكنولوجيا الحديثة أوجد لغات هجينة أثرت على نقاء اللغة وسلامتها.
مع التقدم التكنولوجي، تبرز ضرورة تبني اللغة العربية للتقنيات الحديثة لتظل قادرة على مواكبة العصر. فقد شهدت السنوات الأخيرة جهودًا لتعريب المحتوى الرقمي، مثل تطوير تطبيقات وبرمجيات تدعم اللغة، وإطلاق مبادرات لترجمة العلوم والمعارف الحديثة إلى العربية.
يمثّل اليوم العالمي للغة العربية فرصة للتأكيد على أهمية هذه اللغة في تعزيز الهوية الثقافية للشعوب العربية. كما يهدف إلى تشجيع الأفراد والمؤسسات على العمل من أجل حماية اللغة، وتطوير أساليب تدريسها، وزيادة المحتوى العربي على الإنترنت.
يتطلب الحفاظ على اللغة العربية جهدًا مشتركًا بين الأفراد والمؤسسات. يمكن للأسر أن تعزز استخدام اللغة العربية بين الأطفال، فيما يجب على المدارس والجامعات تحسين مناهج تعليم اللغة وتطوير أساليب تدريسها. كما يمكن للإعلام أن يلعب دورًا مهمًا في تعزيز الوعي بأهمية استخدام اللغة العربية في مختلف المجالات.
اللغة العربية هي أكثر من مجرد لغة؛ إنها رمزٌ للهوية والانتماء وجسرٌ يصل بين الماضي والمستقبل. لذا، فإن الاحتفاء بها ليس مجرد طقس سنوي، بل هو دعوة للتأمل والعمل الجاد للحفاظ على هذا الكنز اللغوي والإنساني العظيم. #علي_الوادي