سوسن السيد… رحلة امرأة صنعت حضورها بين الجمال والإعلام
بواسطة »
الوقت \ التاريخ : 01:58:24 || 05 ديسمبر 2025 »
عدد المشاهدين : 11 views » طباعة المقالة :
في عالمٍ يتغيّر بوتيرة سريعة وتتشابك فيه معايير النجاح بين المظهر والمضمون، تبرز شخصيات استطاعت أن تنطلق من بوابة الجمال نحو آفاق أوسع وأكثر تأثيرًا. ومن بين هذه الشخصيات، تلمع مسيرة سوسن السيد التي شكّلت نموذجًا مميزًا في الإعلام اللبناني والعربي، إذ جمعت بين الحضور المهني الطويل والنجاح المتراكم الذي تجاوز حدود اللقب الجمالي ليصل إلى عوالم الإعلام والثقافة والتنظيم الاحترافي. ويقدّم هذا المقال قراءة تحليلية لمسيرتها، كاشفًا البعد المهني والإنساني الذي رافق خطواتها.
منذ بداياتها، نجحت سوسن السيد في تثبيت حضور قوي وراسخ. فبعد فوزها بلقب ملكة جمال لبنان في ثمانينيات القرن الماضي، لم تتوقف عند هذا الإنجاز، بل جعلت منه نقطة انطلاق لمسيرة مهنية متنوعة. وسرعان ما تحوّلت من وجه جمالي إلى اسم إعلامي فاعل، خصوصًا في مجال الإعلام الرياضي، حيث كانت من أوائل النساء اللواتي اقتحمن هذا المجال عبر التلفزيون اللبناني إلى جانب قناة المرأة العربية، والتلفزيون العربي الأميركي، وتلفزيون الكويت، وقناة ART. لم يكن هذا التحوّل مجرد انتقال في نوع المحتوى، بل كان دليلاً على قدرتها على تطوير ذاتها وتوسيع حضورها بعيدًا عن الصورة التقليدية للمرأة في الإعلام.
ومع مرور الوقت، توسّعت تجربتها لتشمل البرامج الاجتماعية والثقافية، مقدّمة أسلوبًا إعلاميًا يجمع بين الرصانة والبساطة. كما شمل نشاطها الصحافة المكتوبة، وواكبت فعاليات ثقافية وفنية متعددة، ما جعلها جزءًا من المشهد الإعلامي العام، لا مجرد مقدّمة على الشاشة.
وبالتوازي مع حضورها الإعلامي، لعبت سوسن السيد دورًا محوريًا في قطاع الجمال والتنظيم، حيث أسست مؤسسة السوسن العالمية المتخصّصة في تنظيم المهرجانات الدولية في مجالات الأعمال والسياحة والثقافة. وكانت من أوائل الشخصيات التي قدّمت تكريمات مهنية مهمة في لبنان والعالم العربي. كما نجحت في بناء علامة مغايرة في هذا المجال، من خلال تنظيم مسابقات جمال محلية ودولية والمشاركة في لجان تحكيم، محوّلة تجربتها الشخصية إلى مسار مؤسسي قائم على الاحتراف والالتزام.
لم تقتصر إضافاتها على الجانب التنظيمي، بل امتدت إلى ترسيخ رؤية تعتبر أن الجمال قيمة متكاملة ترتبط بالثقافة والأخلاق والمسؤولية الاجتماعية. وسعت من خلال نشاطاتها إلى تعزيز صورة المرأة في الإعلام بوصفها صاحبة مضمون حقيقي، وليس مجرد حضور بصري.
أما على الصعيد الإنساني، فقد كانت لسوسن السيد مشاركات بارزة في المبادرات الخيرية والاجتماعية، واهتمت بقضايا المرأة والشباب، ما جعلها أقرب إلى الناس وأبعد عن الصورة السطحية التي تُلصق أحيانًا بالشخصيات الإعلامية.
وفي الختام، تشكّل سوسن السيد نموذجًا لامرأة استطاعت بناء مسيرة متكاملة تجمع بين الجمال والمعرفة، وبين الإعلام والمجتمع، وبين الحضور الشخصي والعمل المؤسسي. لقد حولت فرصتها الأولى إلى بداية لمسار طويل من العمل والإنجاز، عبر مؤسسة السوسن العربية التي تواصل من خلالها إحياء أهم المهرجانات الدولية حول العالم.


