النظام العراقي الجديد وثقافة التنصل من المسؤولية

بواسطة » الوقت \ التاريخ : عدد المشاهدين : 950 views » طباعة المقالة :

 

د. ولي علي
تكتظ القنوات التلفزيونية والاذاعات وكافة وسائل الاعلام العراقية منذ سبعة عشر عام بآلاف المقابلات واللقاءات، والتي يكون ضيوفها بالعادة (نواباً، اعضاء مجالس محافظات، وزراء، مسؤولين حكوميين، قادة سياسين، محللين…) لمناقشة مختلف الموضوعات، ويظهر من معظمها، إن لم نقل من جميعها، ان المتحدث مهما كانت صفته وحدود مسؤوليته بالموضوع محل البحث (ينفض يده) معلناً براءته من التبعات، وملقياً بها على من سبق أو على جهة ثانية، او يصور نفسه بوضع المجبر والمكره على تحمل المسؤولية أو انه يجهل الطرف الذي تقع على عاتقه المساءلة، وفي كل الاحوال، يخرج نفسه من دائرة المسؤولية، وبخطاب محايث لذلك، نسمع ادانة جماعية للفساد وسوء الادارة ولكل النواقص التي تعتور النظام والحالة العراقية، وكأنهم يقولون، ان اقواماً نزلت من السماء او خرجت من باطن الارض، او زمرة اشباح، هي المسؤولة عن كل هذه التداعيات والخراب، وهو حديث يتضمن في طياته (استخفافاً واستهانة، بل سخرية) بالمستمع والمتابع، الذي يسمع وزيراً تسلم زمام الامور لاربعة سنوات، وكانت يده مبسوطة، وقد عاث في وزارته فساداً، ثم يتحدث اليوم عن انجازات ذهبية قام بها، او يقدم مشورة لما ينبغي فعله بما لم يفعله عندما كان في سدة المسؤولية، فضلاً عن انه لم يقدم على الاعتراف ولو بتقصير او خطأ بسيط تم ارتكابه خلال مرحلته.
ان ثقافة التنصل من المسؤولية لم تقف عند حدود حديث الاشخاص، بل سرى دائها حتى الى الاجراءات والتبعات القانونية، فقد صك اسماعنا حديث المطالبة بالحسابات الختامية في اكثر من دورة برلمانية، وبالمقابل لم نشهد ولا مرة واحدة معطاً حقيقياً للمحاسبة على اثر تلك الحسابات، سواء للجهة التي تمتنع اصلا من تقديم الحسابات الختامية او لمن يظهر تورطه في انفاق المال العام بغير وجه حق، وهكذا عشرات لجان المتابعة والتقييم والحساب والمؤسسات المعنية بذلك والتي تنفق ميزانيات تشغيلية ضخمة بدون جدوى، دون أن نتلمس آثاراً حقيقية لمكافحة الفساد وايقاف عجلته.
يطالعنا الكثير ممن يريد الضحك على ذقون الناس، واستغفالهم في الموسم الانتخابي او في اطار معركة الصراع السياسي، وهو يتحدث عن موبقات الارض كلها على انها من فعل الحكومة الحالية وادارتها، و(انا هنا لست في معرض الدفاع عن هذا او ذاك)، ولكن بقاء ثقافة التنصل من المسؤولية راية يسلمها جيل الى الذي يليه، دون ان يكون هناك وقفة شجاعة جادة تسمي الاشياء بمسمياتها، وتحمل قهرا كل ذي مسؤولية مسؤوليته، سيبقي دوامة الفشل والفساد والخراب دون توقف، ولن يكون هناك أي أمل لأصلاح حقيقي، فهل من المعقول، ان العراق اصبح مفلساً ومديناً بين ليلة وضحاها، وهل من المنطقي، ان كل المشاريع والاستثمارات كانت تسير على اكمل صورة ثم فجأة تعطلت بفعل ادارة هذه الحكومة، وهل ان علاقات العراق كانت متوازنة ومتماشية مع حاجاته ثم اصبحت في حالة مختلة، وهل ان المؤسسات والدوائر والقطاعات كافة كانت بيضاء اليد ثم تورطت بالفساد بدون سابق انذار في ظل الحكومة الحالية؟!!
ان هذه الاسطوانة المشروخة يدركها كل العراقيين من كبيرهم الى صغيرهم، فقبل ان نتحدث عن مبيعات النفط الحالية وموارد المنافذ الحدودية وغيرها من مداخيل العراق، لا بد ان نتحدث عن مئات المليارات التي تم اهدارها وسرقتها وتضيعها بسياسات رعناء ومحاصصة مقيتة وفساد وقح، تجاوز على المال العام، وبدد ثروات العراق ومدخولاته في ازمنة ذهبية، وصل سعر النفط فيها الى اكثر من 140 دولاراً، كما ان تلك السياسات، ضيعت فرص دعم عالمية، اجتمع فيها العالم من شرقه الى غربه، ليقف الى جانب العراق، ومع ذلك لم يتم استثمار الامور بالشكل الصحيح.
ان الانصاف، ان نحمل كل جهة مسؤوليتها على وفق الفرص والامكانات المتاحة لها، فلا يتساوي من ملك ثماني سنوات من متسع العمل مع الذي يحكم خلال اشهر محدودة، وهكذا حجم القدرات الاقتصادية والثروات والظروف السياسية، ولا بد ان تكون مساءلة البدايات اعظم واكبر واشد من مساءلة النهايات، لان النهايات محكومة بتداعيات البدايات، ولان فرصة الاصلاح والعمل في البداية اكبر بكثير من النهايات التي تضيق بها الافاق، وتصبح الخيارات محدودة وفقيرة.
ان هذه الحكومة مطالبة بان تتحمل مسؤولياتها بشجاعة، ولكن في حدود ما متاح لها من ظروف وفرص وامكانات، وفي ظل ما ورثته من اوضاع سياسية واقتصادية معقدة، ولكن في الوقت نفسه لا بد ان تتحمل كل الجهات التي سبقتها مسؤوليتها الاخلاقية والشرعية والقانونية، وان هذا التحمل ليس منة او فضلاً او ميزة يتفاخر بها من يقوم به، بل هو احد التوابع المهمة والاساس لمضمون تحمل التكليف والمسؤولية، ففي ذات الوقت الذي يقبل به اي احد الوظيفة الحكومية مهما كان مستواها ودرجتها، فانه يقبل ضمناً المساءلة والمحاسبة، وملزم بتحمل مسؤوليته عن كل تقصير كان بسببه بشكل مباشر او غير مباشر.
ان الموسم الانتخابي، وارضية التنافس ا

لسياسي تغذي بشكل مخجل عهر تقاذف المسؤولية، والتنصل منها، وان منهج الاستهداف السياسي الذي يمارسه المعظم عبر استغفال العقول واظهار العراق بانه جنة خضراء قبل مجيء هذه الحكومة، وان الاحوال كلها تردت خلال هذه الفترة، لن ينطلي على الناس، ويدرك الجميع مسلسل الخراب والفساد منذ الحلقة الاولى وحتى نهاياته، ويحفظون ابطاله عن ظهر قلب،وان ذاكرة العراقيين حديدية، ولم لن ينسوا أحدا ساهم في خراب بلدهم من السابقين واللاحقين.

1

التعليقات :

اكتب تعليق

جمعية خريجي كويكا في العراق تتبرع بأجهزة ومعدات لدار تأهيل أحداث الإناث دعمًا للفئات الضعيفة
⁨ راح يغيّر نظام “ضمان الرقمية” مستقبل العاملين بالقطاع الحر
ضمان الرقمية” وصلت… بس أنت مستعد تختار التقاعد الاختياري
مع التحول الرقمي .. ماكو روح وتعال !
رقم 154 على معاملتك تخلّصك من الرشاوي والابتزاز
النزاهة تدخل على خط الانتخابات البرلمانية المقبلة
 هل تعلم أن بعض أجهزة الشبكات المنزلية مخالفة للقانون؟
بيان .. رابطة الإعلاميين الشباب ترفض الابتزاز او التسقيط الاعلامي  
التسجيل الصوتي المفبرك المنسوب لرئيس هيأة الإعلام والاتصالات
بطاقة نجوم الإعلام العربي .. الإعلامية سؤدد طارق
كويكا تحتفي بجسور الصداقة والتنمية بين العراق وكوريا
بطاقة نجوم الإعلام العربي .. الإعلامية لارا محمد
بطاقة نجوم الإعلام العربي .. الاعلامي ماهر عماد
بطاقة نجوم الإعلام العربي .. د. ليلى الدليمي
بطاقة نجوم الإعلام العربي .. الإعلامي محمد سامي
بطاقة نجوم الإعلام العربي .. الإعلامية زهراء صباح
بين النهرين .. حكاية جمال المستقبل
بطاقة نجوم الإعلام العربي .. الإعلامي أنس البدري
بطاقة نجوم الإعلام العربي .. الإعلامي محمد الكبيسي
بطاقة نجوم الإعلام العربي .. الإعلامي نور نزار
بعد الهزيمة داعش يلفظ انفاسه الأخيرة في الموصل
توضيح عن ازمة تفاقم الانبعاثات الغازية والروائح الكبريتية
فتوى داعش الارهابي بوجوب تقليص شهر رمضان الى خمسة ايام
عقده البنت موروث قبلي يعود بنا الى ايام الجاهليه
دولة القانون يدعو لمقاطعة الاردن بعد “احتجاج دوس الصور” لشخصيات بينها المالكي
البنك الدولي يمنح السوداني درع التميز تثمينا لجهودهم المهنية
اللامي: الصحفيون سيتم استثناؤهم من قرار الزوجي والفردي
السوداني: تجربتنا في تحمل المسؤولية لإدارة مجالس المحافظات ساهمت بتقديم افضل الخدمات للمواطنين
المجمع الفقهي العراقي يستنكر التفجيرات الارهابية
مستشفى الكفيل التخصصي يجري أكثر من 20 عملية في مركز الأمراض الجلدية والجراحة التجميلية والتقويمية
بمناسبة اليوم العالمي للتطوع ….وزارة التخطيط تنظم المعرض النوعي الرابع للعمل التطوعي بمشاركة عدد كبير من الوزارات
برلمانية تطالب العبادي بمعالجة “فجوة” وايقاف تأثير مقربين له على عمل شبكة الاعلام العراقي
 العبادي يوجه رسالة شديدة اللهجة لنينوى
داعش تنهب ممتلكات الاهالي في مدينة الرمادي
تراجع أسعار النفط بشكل “كبير” عن أعلى مستوى وصلت إليه في 2016
قفزة جديدة بأسعار الغاز في اوروبا
حدائق ابو نؤاس تحتضن مهرجان “بغداد دار السلام”
تخريج وجبة جديده من الملاكات التمريضية في مدينة الطب .
تحذير.. من إعادة تمثيل الجرائم وتدعو لاحترام القيم الإنسانية
وزير الثقافة يؤكد لولا الحشد لسقطت بغداد بيد داعش
"عيون " تحتفي بالمبدعين من الفنانين والإعلاميين لعام 2015. الاعرجي: ينتقد بشدة ضرب التحالف للجيش العراقي ويطالب بتسليم الجناة فورا للقضاء العراقي البصرة عاصمة لقمع حرية التعبير وهجرة الصحفيين!!. التركمان يعلنون قرارهم من "تكنوقراط" العبادي الجابري: تشرفت خشبة المسرح الوطني باعتلاء الفنان عبد المرسل الزيدي قبل رحيله الحكيم يدعو لتقييم جاد وعلمي للحكومة العراقية بمناسبة مرور عام ونصف على تشكيلها الدكتورة أمال كاشف الغطاء تحاضر عن علاقة الدين بالدولة الفتلاوي :تدعو وزارة الصحة الى تخصيص مليارين لعلاج مرضى الثلاسيما في ذي قار الفتلاوي: يجب أبعاد أدارت صحة ذي قار والتربية عن المحاصصة الحزبية الوائلي: الحكم بالإعدام على منفذي جريمة سبايكر قد أنهى الخطوة الأولى في هذه القضية " بطاقة نجوم الإعلام العراقي .. الإعلامية د. ثناء الفيلي بطاقة نجوم الإعلام العربي .. الإعلامي أحمد شكري بطاقة نجوم الإعلام العربي .. الإعلامية إيمان علاوي بطاقة نجوم الإعلام العربي .. الإعلامية ديالا كلتوم بطاقة نجوم الإعلام العربي .. الإعلامية رسل رياض بطاقة نجوم الإعلام العربي .. الإعلامية زهراء سمير بطاقة نجوم الإعلام العربي .. الإعلامية سلمى الجميلي بطاقة نجوم الإعلام العربي .. الإعلامية فيان الجادري بطاقة نجوم الإعلام العربي .. الإعلامية كندا حيدر بطاقة نجوم الإعلام العربي .. الإعلامية لبنى الخولي بطاقة نجوم الإعلام العربي .. الإعلامية ملاك حازم بطاقة نجوم الإعلام العربي .. الإعلامية نورهان عادل بطاقة نجوم الإعلام العربي .. الإعلامية هاجر العادل بطاقة نجوم الإعلام العربي .. الإعلامي تحسين السيد بطاقة نجوم الإعلام العربي .. الإعلامي عبد العزيز درويش بطاقة نجوم الإعلام العربي .. الإعلامي علي خشان بطاقة نجوم الإعلام العربي .. الإعلامي عمرو جميل بطاقة نجوم الإعلام العربي .. الإعلامي محمد الفهد بطاقة نجوم الإعلام العربي .. الإعلامي مصطفى الأمير بطاقة نجوم الإعلام العربي الشخصية .. إيناس الصافي بطاقة نجوم الإعلام العربي الشخصية .. الاعلامي ساري حسام بطاقة نجوم الإعلام العربي الشخصية .. محمد الفريد بطاقة نجوم الإعلام العربي الشخصية الإعلامي: صدام هاشم بطاقة نجوم الإعلام العربي – الإعلامية السورية سهار أديب بيان صادر من قيادة العمليات المشتركة/ خلية الاعلام الحربي تنعى رابطة الإعلاميين والصحفيين الشباب الزميل حميد عكاب مدير قناة العهد الفضائية خطيب جمعة المنطقة الخضراء: التحدي الاقتصادي الذي يواجه العراق اخطر من داعش رئيس البرلمان : تحرير الرمادي انكسار لشوكة داعش ونقطة انطلاق لتحرير نينوى رابطة الإعلاميين والصحفيين الشباب تنعى ( سيف طلال وحسن العنكبي) من قناة الشرقية طـــل الصبــــاح أولك علوش قائد عمليات الانبار :انطلاق عملية عسكرية لتحرير قاطع شرق الرمادي كورك "تيليكوم" تشارك الطائفة المسيحية احتفالها في مبادرة إنسانية منع وسائل الإعلام العراقية من تغطية فعاليات مؤتمر البرلمانات الإسلامية في بغداد نقيب الصحفيين يحذر من تهميش الاسرة الصحفية ويؤكد : سيكون ردنا قاسيا لا تتوقعه الحكومة والبرلمان ⭐ بطاقة نجوم الإعلام العربي .. الإعلامي حمزة حسين
استفتاءات

رأيك بتصميم الموقع

View Results

Loading ... Loading ...
تابعونا على الفيس بوك