تفاهمات في الغرف المغلقة عن إمكانية تأجيل الانتخابات
انتخابات ضبابية
سهاد طالباني
شبكة ع.ع .. أكدت المصادر الرسمية في اكثر من مناسبة، واحيانا دون مناسبة، على ان الانتخابات البرلمانية العراقية ستعقد في الموعد المقرر لها في الشهر العاشر من هذا العام. هذا التأكيد جاء على لسان كافة المستويات الرسمية، ابتداء من البيانات الصادرة عن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، مرورا بتصريحات رئيس الوزراء السيد مصطفى الكاظمي، وصولا الى تأكيدات صادرة عن رئيس الجمهورية السيد برهم صالح.
هذه التأكيدات على الالتزام بالموعد تم تعزيزها من قبل الجهات الدولية ذات العلاقة، وبالتحديد بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (UNAMI) وعدد اخر من المنظمات الدولية التي تقدم الدعم الفني والإداري واللوجستي لمفوضية الانتخابات.
المفوضية اكدت في أكثر من مناسبة انها قد “أكملت جميع الاستعدادات الفنّية والقانونية والإدارية بدعم ومشورة فريق الأمم المتحدة للمساعدة الانتخابية والتي تمكّنها من إجراء العملية الانتخابية المقبلة، وبناء على ذلك صدّق مجلس المفوّضين على الأنظمة والتعليمات كافّة التي تنظّم سير العملية الانتخابية وفقًا لتوقيتات الجدول العملياتي”
على الرغم من كل هذه التأكيدات فان الحديث حول إمكانية تأجيل الانتخابات يطل برأسه بين فينة وأخرى، وبعض القوى السياسية تتحدث عن تفاهمات في الغرف المغلقة فيما يخص إمكانية التأجيل، بل ان البعض يتحدث بثقة ويؤكد ان الانتخابات لن تجري في موعدا المقرر وان التأجيل امر حتمي ومتفق عليه.
قبل الخوض في الأسباب المحتملة للحديث عن تأجيل الانتخابات، يجب التأكيد هنا ان عملية التأجيل لها تبعات قانونية وتنظيمية كبيرة، فالموضوع ليس فقط تغيير تاريخ يوم الانتخاب، فالتأجيل يعني بالضرورة إعادة النظر في المدد الزمنية المرتبطة بالعملية الانتخابية كاملة، فعلى سبيل المثال اذا تم تأجيل الانتخابات الى العام القادم فهذا يستوجب إعادة عملية تسجيل الناخبين كاملة، حيث ان هناك ما يقرب من المليون مواطن عراقي سيدخلون في السن القانوني الذي يعطيهم الحق في الانتخاب، وبالتالي لا بد من اضافتهم الى سجل الناخبين، وهذا يعني الدخول في عملية اصدار البطاقات البايومترية لهم، واضافتهم الى سجلات الناخبين في دوائرهم، ولن يقف الامر عند هذا الحد، فالتأجيل أيضا يعني دخول عدد من المواطنين في السن القانوني الذي يسمح لهم بالترشح، وعليه فان من حقهم الدستوري ان يترشحوا للانتخابات في موعدها الجديد، وهذا يعني إعادة عملية تسجيل المرشحين كأفراد وأحزاب وتحالفات، وبالتأكيد هناك أمور أخرى سيتم اعادتها ومنها مثلا طباعة أوراق الاقتراع والسجلات الورقية للناخبين وتحديث النظام الالكتروني وغيرها، وسيكون الامر وكأننا نقوم بتنظيم انتخابات جديدة كليا وليس مجرد تأجيل.
مع ذلك، لا يبدو ان القوى السياسية تلقي بالا لهذه الكلف الإدارية والتنظيمية والمالية العالية، والحديث عن التأجيل يدور بعيدا عن كل ذلك، وينحصر في حسابات الفوز والخسارة، او بمعنى ادق، الفوز او الفوز بمقاعد اكثر، وتتحدد المواقف لكل جهة سياسية من موضوع التأجيل او عدمه في فرص هذه الجهة الانتخابية، أي أن الموقف من التأجيل او عدم التأجيل يستند فقط الى الحسابات السياسية.
وفي البحث عن حقيقة المواقف من التأجيل، فان الاحتمالات لا تتعدى أمرين، الأول يدخل في باب التكتيكات الانتخابية البحتة، حيث قد تحاول بعض القوى ذات الثقل على الأرض ادخال الاخرين في حالة تخدير من خلال الحديث عن حتمية التأجيل، ولكن الحقيقة انها لا ترغب بالتأجيل على الاطلاق، ولكن ترغب في تخفيف حدة المنافسة بما يمكنها من تحقيق مقاعد اكبر، اخذين بعين الاعتبار ان هذه القوى تملك تنظيما عاليا يمكنها من حشد أنصارها في يوم الاقتراع بسهولة في الوقت الذي يكون الوقت قد تأخر بالنسبة للقوى المنافسة التي اعتقد ان الانتخابات ستتأجل.
اما الاحتمال الثاني فان يكون هناك فعلا نية للتأجيل ضمن توافقات بين القوى الرئيسية وبما يضمن لها العودة بثقلها الى السلطة دون أي مفاجئات، وربما يكون الهدف من التأجيل هو إعادة صياغة الدوائر الانتخابية بما يضمن لهذه القوى تواجدا اكبر في المجلس.
وبغض النظر عن هذين الاحتمالين، فان ما يحدث بخصوص تأجيل او عدم تأجيل الانتخابات يحول المشهد الانتخابي والسياسي في البلاد الى حالة ضبابية مربكة، وهي حالة قد يكون لها انعكاسات مرتبطة ليس فقط بالمشهد السياسي ولكن وهو الأهم بالمشهد الأمني.