من أجل دولة عادلة متحضرة

بواسطة » الوقت \ التاريخ : عدد المشاهدين : 310 views » طباعة المقالة :
IMG_2775

 

كفاح محمود كريم

منذ قيام دول الشرق الأوسط (جمهوريات وممالك وإمارات) والنُّخب السياسية والفكرية والجمعيات والأحزاب تتأرجح بين مجموعة من الخيارات لتنظيم نهج وهيكل تلك الكيانات، وفي مقدمة تلك الخيارات خياران مهمان اختزلا منظومة التفكير السائدة في حينها، وهما (الإسلام هو الحل) و(الديمقراطية هي الحل)، هذان الحلّان تأرجحا أيضاً بين قبول الأغلبية القبلية وأعرافها السائدة، والأقرب إلى مزاجها وحسّها العام وهو الخيار الديني، بينما انحصر الخيار الثاني (الديمقراطية) بالنخب المثقفة والتنويرية المتأثّرة بالنظام الأوروبي وخاصة البريطاني والفرنسي، وعلى ساحة هذين الخيارين خاضت تلك النخب وخاصة خيار الديمقراطية، نضالاً دؤوباً وتضحيات جساماً لتحقيق شيء من هذا الحل في مجتمعات بعيدة كلّ البعد عن هذا النهج بل وتتقاطع تماماً مع تطبيقات الديمقراطية، خاصة في جانبها الاجتماعي، حيث تصطدم بقوة مع منظومة متوارثة من التقاليد والأعراف، ناهيك عن القواعد الأساسية في الدين، وما يرتبط فكرياً وثقافياً بحريّة الرأي والتعبير، ففي معظم بلداننا ومجتمعاتنا تغلب الثقافة القبلية والدينية على تفكير الناس وتعامُلاتهم مع مفردات الحياة وتفصيلاتها .

   هذه الثقافة المتكلّسة عبر قرون تقاطعت في أساسياتها مع النمط الغربي للديمقراطية، ومع حريّة الرأي والتفكير والتعبير عنهما تحديداً، حيث تصطدم بجدران الممنوعات التي تفرضها هذه الثقافة، خاصة ما يتعلق بالنساء وحقوق الإنسان والمكوّنات الدينية المختلفة، وهنا أتحدث أفقياً عن المجتمعات وليس عن النظام السياسي الذي ربّما يفرضُ نوعاً من الانفتاح نظريا كما حصل في كلّ من العراق ومصر وسوريا والجزائر وتونس وليبيا ولبنان والسودان وإيران وحتى تركيا، التي تعدُّ نفسها مع إسرائيل أعرق ديمقراطيتين في الشرق الأوسط، وتتناسيان أن التحفظ الديني فيهما لا يقبل تماما مَنْ يعارضهما فكرياً أو دينياً .

وكما اصطدمت القوى الديمقراطية بهذا النمط من الثقافات الاجتماعية، واجهت النخب والأحزاب الدينية هي الأخرى تحديات كبيرة افشلت غالبيتها من تحقيق إقامة دولة العدالة الإلهية فشلاً ذريعاً في مصر وتركيا وأفغانستان وإسرائيل وايران التي حولت هي وافغانستان إلى سجن رهيب يخضع لسلطات عقائدية مطلقة الصلاحيات من قبل اذرع ميليشياوية، تعتمد القتل في أيّ توجُّه معارض، باعتبار معارضتهم هي معارضة لعقيدة الله ودستوره، وهو ما يجري الآن على أيدي الفصائل والميليشيات العقائدية في كل من العراق وسوريا ولبنان واليمن والتي احتوت الدولة ومؤسساتها، وتعمل على تطبيق تعاليم عقائدها الدينية والمذهبية خارج مفهوم الدولة والدستور.

من هنا ندركُ جيداً أن هذه الجدران الدينية والقبلية، وما يرتبط بهما من متوارث التقاليد والأعراف هي التي تتحكّم في مفاصل مهمّة من حياة الناس، حتى أصبحت الآمر الناهي في كثير من قواعد السلوك الاجتماعي، وخاصة في النصف المُعطّل من المجتمع، بل اندفع إلى مواقع القضاء ليكون بديلاً عنه، ناهيك عن دوره المفصلي في إيصال أصحاب هذه الثقافات إلى السلطتين التشريعية والتنفيذية بآليات قبلية أو فتاوى دينية، وقد بان ذلك بشكل واضح جداً في كلّ الانتخابات التي جرت في معظم بلدان الحَبُو الديمقراطي سواءً في العراق أو سوريا واليمن ولبنان وإيران، وبقية دول شمال إفريقياـ ومن ماثلهم في التركيب الاجتماعي والسياسي.

وبعد أكثر من قرن من الحكم وتجاربهما السياسية القاسية التي تركت ظلالاً قاتمة على معظم بلدان الشرق الأوسط لم تنجح أيّة تجربة من تجارب الخيارين، فقد فشل الخيار الديني فشلاً ذريعاً، ولم يستطع مواجهة مشكلة حقوق الإنسان والمرأة، وتداوُل الحكم والمكوّنات غير الإسلامية، وفي المقابل أيضاً عجزت النُّخب السياسية من ترجمة الحل الديمقراطي، فاصطدمت بمنظوماتٍ اجتماعيةٍ ترتبط بشكل وثيق بالعادات والتقاليد التي يمتلك مفاتيحها رجال الدين والقبيلة، والتي لا يُستغنى عنها لارتباطها الشديد بكرسي الحكم الاجتماعي المطلق.

لقد عانت دول أوروبا في الحقبة المظلمة من تاريخها بذات الصراعات بين الخيارين، وانتصرت بفصل الدين عن الدولة وبلورة مفهوم المواطنة الجامعة وسيادة القانون بدلا من الأعراف والتقاليد والعادات وبذلك انتهت الصراعات العرقية والدينية، ووضعت العدالة عموداً أساسياً لأنظمة دولها التي ترتكز على العلم والتعليم والمعرفة ضمن نظام تربوي رفيع المستوى.

أننا اليوم أحوج ما نكون، بعد تجارب البلاد المريرة سياسياً وعسكرياً إلى سيادة العدالة والبحث عن بديل يتناغم مع بيئتنا وقواعدها الاجتماعية، بديل يحفظ للدين مكانته ويصونُ احترامه وهيبته بفصله عن السياسة، وتعزيز احترام التركيبات القبلية ورموزها بإبعادها عن أيِّ تدخُّل في النظام السياسي والقضائي، الذي يمنع بالمطلق أي تنظيم أو نشاط سياسي في المؤسسات التعليمية والعسكرية والأمنية والقضائية، بما يحصِّن المجتمع، وينأى به من أي تناحُر أو انقسام يمسُّ السلم والأمن المجتمعي.

1

التعليقات :

اكتب تعليق

جمعية خريجي كويكا في العراق تتبرع بأجهزة ومعدات لدار تأهيل أحداث الإناث دعمًا للفئات الضعيفة
⁨ راح يغيّر نظام “ضمان الرقمية” مستقبل العاملين بالقطاع الحر
ضمان الرقمية” وصلت… بس أنت مستعد تختار التقاعد الاختياري
مع التحول الرقمي .. ماكو روح وتعال !
رقم 154 على معاملتك تخلّصك من الرشاوي والابتزاز
النزاهة تدخل على خط الانتخابات البرلمانية المقبلة
 هل تعلم أن بعض أجهزة الشبكات المنزلية مخالفة للقانون؟
بيان .. رابطة الإعلاميين الشباب ترفض الابتزاز او التسقيط الاعلامي  
التسجيل الصوتي المفبرك المنسوب لرئيس هيأة الإعلام والاتصالات
بطاقة نجوم الإعلام العربي .. الإعلامية سؤدد طارق
كويكا تحتفي بجسور الصداقة والتنمية بين العراق وكوريا
بطاقة نجوم الإعلام العربي .. الإعلامية لارا محمد
بطاقة نجوم الإعلام العربي .. الاعلامي ماهر عماد
بطاقة نجوم الإعلام العربي .. د. ليلى الدليمي
بطاقة نجوم الإعلام العربي .. الإعلامي محمد سامي
بطاقة نجوم الإعلام العربي .. الإعلامية زهراء صباح
بين النهرين .. حكاية جمال المستقبل
بطاقة نجوم الإعلام العربي .. الإعلامي أنس البدري
بطاقة نجوم الإعلام العربي .. الإعلامي محمد الكبيسي
بطاقة نجوم الإعلام العربي .. الإعلامي نور نزار
بدء اعمال المؤتمر الدولي للحريات الصحفية في الدوحة بمشاركة العراق
وزير التخطيط يبحث مع السفير الالماني الاسهام في عملية اعمار المناطق المحررة ودعم جهود التنمية المستدامة
نوري الدليمي يعلن موافقة مجلس الوزراء على استثناء شركات المقاولات من تعليمات تنفيذ العقود
هيئة الحماية الاجتماعية تستقبل مئات الاتصالات الهاتفية يوميا
الزوبعي : المفوضية تحدد أربعة أماكن للتسجيل البايومتري الخاص في الأنبار
كهرباء الفهداوي ووعود حسنة ملص .!
الأعرجي: يستقبل السفير الصيني لدى العراق
اكمال بناء مستشفى ميسان للطفل و الولادة
البغدادي يعزل ذو القرنين لسرقته ملايين الدولارات
بين “سفوان” العراق والكويت.. تفاصيل مثيرة عن اعتقال “المعارض البحريني”
فصف مكثف لطيران التحالف على مواقع لتنظيم داعش في الموصل
الأتروشي بالمهرجان التآخي : للشعر أهمية في رصد وتوثيق القضايا الخاصة بالوطن
تخوف عناصر داعش من خطوط المواجهة الامامية
الصحة والبيئة: اتلاف اكثر من (250) طن من المواد الغذائية الفاسدة في ذي قار
الجبوري : على إدارات المدارس وكوادرها الاهتمام بطلبه السادس ومتابعتهم
وزير التخطيط، يلتقي محافظ النجف الاشرف
حزب الدعوة الإسلامية : ارادة شعبنا التي أسقطت البعث ستقضي على داعش الإرهابية
الاعمار: تحيل مشروع انشاء الممر الثاني لطريق (بعقوبة – بني سعد – بغداد القديم)
ذي قار: تصدر احكاما بحق اربعة ارهابيين من سكنة العاصمة بغداد
قتل إرهابيين وتفكيك عبوات ناسفة وإلقاء القبض على مطلوبين
"عيون " تحتفي بالمبدعين من الفنانين والإعلاميين لعام 2015. الاعرجي: ينتقد بشدة ضرب التحالف للجيش العراقي ويطالب بتسليم الجناة فورا للقضاء العراقي البصرة عاصمة لقمع حرية التعبير وهجرة الصحفيين!!. التركمان يعلنون قرارهم من "تكنوقراط" العبادي الجابري: تشرفت خشبة المسرح الوطني باعتلاء الفنان عبد المرسل الزيدي قبل رحيله الحكيم يدعو لتقييم جاد وعلمي للحكومة العراقية بمناسبة مرور عام ونصف على تشكيلها الدكتورة أمال كاشف الغطاء تحاضر عن علاقة الدين بالدولة الفتلاوي :تدعو وزارة الصحة الى تخصيص مليارين لعلاج مرضى الثلاسيما في ذي قار الفتلاوي: يجب أبعاد أدارت صحة ذي قار والتربية عن المحاصصة الحزبية الوائلي: الحكم بالإعدام على منفذي جريمة سبايكر قد أنهى الخطوة الأولى في هذه القضية " بطاقة نجوم الإعلام العراقي .. الإعلامية د. ثناء الفيلي بطاقة نجوم الإعلام العربي .. الإعلامي أحمد شكري بطاقة نجوم الإعلام العربي .. الإعلامية إيمان علاوي بطاقة نجوم الإعلام العربي .. الإعلامية ديالا كلتوم بطاقة نجوم الإعلام العربي .. الإعلامية رسل رياض بطاقة نجوم الإعلام العربي .. الإعلامية زهراء سمير بطاقة نجوم الإعلام العربي .. الإعلامية سلمى الجميلي بطاقة نجوم الإعلام العربي .. الإعلامية فيان الجادري بطاقة نجوم الإعلام العربي .. الإعلامية كندا حيدر بطاقة نجوم الإعلام العربي .. الإعلامية لبنى الخولي بطاقة نجوم الإعلام العربي .. الإعلامية ملاك حازم بطاقة نجوم الإعلام العربي .. الإعلامية نورهان عادل بطاقة نجوم الإعلام العربي .. الإعلامية هاجر العادل بطاقة نجوم الإعلام العربي .. الإعلامي تحسين السيد بطاقة نجوم الإعلام العربي .. الإعلامي عبد العزيز درويش بطاقة نجوم الإعلام العربي .. الإعلامي علي خشان بطاقة نجوم الإعلام العربي .. الإعلامي عمرو جميل بطاقة نجوم الإعلام العربي .. الإعلامي محمد الفهد بطاقة نجوم الإعلام العربي .. الإعلامي مصطفى الأمير بطاقة نجوم الإعلام العربي الشخصية .. إيناس الصافي بطاقة نجوم الإعلام العربي الشخصية .. الاعلامي ساري حسام بطاقة نجوم الإعلام العربي الشخصية .. محمد الفريد بطاقة نجوم الإعلام العربي الشخصية الإعلامي: صدام هاشم بطاقة نجوم الإعلام العربي – الإعلامية السورية سهار أديب بيان صادر من قيادة العمليات المشتركة/ خلية الاعلام الحربي تنعى رابطة الإعلاميين والصحفيين الشباب الزميل حميد عكاب مدير قناة العهد الفضائية خطيب جمعة المنطقة الخضراء: التحدي الاقتصادي الذي يواجه العراق اخطر من داعش رئيس البرلمان : تحرير الرمادي انكسار لشوكة داعش ونقطة انطلاق لتحرير نينوى رابطة الإعلاميين والصحفيين الشباب تنعى ( سيف طلال وحسن العنكبي) من قناة الشرقية طـــل الصبــــاح أولك علوش قائد عمليات الانبار :انطلاق عملية عسكرية لتحرير قاطع شرق الرمادي كورك "تيليكوم" تشارك الطائفة المسيحية احتفالها في مبادرة إنسانية منع وسائل الإعلام العراقية من تغطية فعاليات مؤتمر البرلمانات الإسلامية في بغداد نقيب الصحفيين يحذر من تهميش الاسرة الصحفية ويؤكد : سيكون ردنا قاسيا لا تتوقعه الحكومة والبرلمان ⭐ بطاقة نجوم الإعلام العربي .. الإعلامي حمزة حسين
استفتاءات

رأيك بتصميم الموقع

View Results

Loading ... Loading ...
تابعونا على الفيس بوك