من أجل دولة عادلة متحضرة

بواسطة » الوقت \ التاريخ : عدد المشاهدين : 224 views » طباعة المقالة :
IMG_2775

 

كفاح محمود كريم

منذ قيام دول الشرق الأوسط (جمهوريات وممالك وإمارات) والنُّخب السياسية والفكرية والجمعيات والأحزاب تتأرجح بين مجموعة من الخيارات لتنظيم نهج وهيكل تلك الكيانات، وفي مقدمة تلك الخيارات خياران مهمان اختزلا منظومة التفكير السائدة في حينها، وهما (الإسلام هو الحل) و(الديمقراطية هي الحل)، هذان الحلّان تأرجحا أيضاً بين قبول الأغلبية القبلية وأعرافها السائدة، والأقرب إلى مزاجها وحسّها العام وهو الخيار الديني، بينما انحصر الخيار الثاني (الديمقراطية) بالنخب المثقفة والتنويرية المتأثّرة بالنظام الأوروبي وخاصة البريطاني والفرنسي، وعلى ساحة هذين الخيارين خاضت تلك النخب وخاصة خيار الديمقراطية، نضالاً دؤوباً وتضحيات جساماً لتحقيق شيء من هذا الحل في مجتمعات بعيدة كلّ البعد عن هذا النهج بل وتتقاطع تماماً مع تطبيقات الديمقراطية، خاصة في جانبها الاجتماعي، حيث تصطدم بقوة مع منظومة متوارثة من التقاليد والأعراف، ناهيك عن القواعد الأساسية في الدين، وما يرتبط فكرياً وثقافياً بحريّة الرأي والتعبير، ففي معظم بلداننا ومجتمعاتنا تغلب الثقافة القبلية والدينية على تفكير الناس وتعامُلاتهم مع مفردات الحياة وتفصيلاتها .

   هذه الثقافة المتكلّسة عبر قرون تقاطعت في أساسياتها مع النمط الغربي للديمقراطية، ومع حريّة الرأي والتفكير والتعبير عنهما تحديداً، حيث تصطدم بجدران الممنوعات التي تفرضها هذه الثقافة، خاصة ما يتعلق بالنساء وحقوق الإنسان والمكوّنات الدينية المختلفة، وهنا أتحدث أفقياً عن المجتمعات وليس عن النظام السياسي الذي ربّما يفرضُ نوعاً من الانفتاح نظريا كما حصل في كلّ من العراق ومصر وسوريا والجزائر وتونس وليبيا ولبنان والسودان وإيران وحتى تركيا، التي تعدُّ نفسها مع إسرائيل أعرق ديمقراطيتين في الشرق الأوسط، وتتناسيان أن التحفظ الديني فيهما لا يقبل تماما مَنْ يعارضهما فكرياً أو دينياً .

وكما اصطدمت القوى الديمقراطية بهذا النمط من الثقافات الاجتماعية، واجهت النخب والأحزاب الدينية هي الأخرى تحديات كبيرة افشلت غالبيتها من تحقيق إقامة دولة العدالة الإلهية فشلاً ذريعاً في مصر وتركيا وأفغانستان وإسرائيل وايران التي حولت هي وافغانستان إلى سجن رهيب يخضع لسلطات عقائدية مطلقة الصلاحيات من قبل اذرع ميليشياوية، تعتمد القتل في أيّ توجُّه معارض، باعتبار معارضتهم هي معارضة لعقيدة الله ودستوره، وهو ما يجري الآن على أيدي الفصائل والميليشيات العقائدية في كل من العراق وسوريا ولبنان واليمن والتي احتوت الدولة ومؤسساتها، وتعمل على تطبيق تعاليم عقائدها الدينية والمذهبية خارج مفهوم الدولة والدستور.

من هنا ندركُ جيداً أن هذه الجدران الدينية والقبلية، وما يرتبط بهما من متوارث التقاليد والأعراف هي التي تتحكّم في مفاصل مهمّة من حياة الناس، حتى أصبحت الآمر الناهي في كثير من قواعد السلوك الاجتماعي، وخاصة في النصف المُعطّل من المجتمع، بل اندفع إلى مواقع القضاء ليكون بديلاً عنه، ناهيك عن دوره المفصلي في إيصال أصحاب هذه الثقافات إلى السلطتين التشريعية والتنفيذية بآليات قبلية أو فتاوى دينية، وقد بان ذلك بشكل واضح جداً في كلّ الانتخابات التي جرت في معظم بلدان الحَبُو الديمقراطي سواءً في العراق أو سوريا واليمن ولبنان وإيران، وبقية دول شمال إفريقياـ ومن ماثلهم في التركيب الاجتماعي والسياسي.

وبعد أكثر من قرن من الحكم وتجاربهما السياسية القاسية التي تركت ظلالاً قاتمة على معظم بلدان الشرق الأوسط لم تنجح أيّة تجربة من تجارب الخيارين، فقد فشل الخيار الديني فشلاً ذريعاً، ولم يستطع مواجهة مشكلة حقوق الإنسان والمرأة، وتداوُل الحكم والمكوّنات غير الإسلامية، وفي المقابل أيضاً عجزت النُّخب السياسية من ترجمة الحل الديمقراطي، فاصطدمت بمنظوماتٍ اجتماعيةٍ ترتبط بشكل وثيق بالعادات والتقاليد التي يمتلك مفاتيحها رجال الدين والقبيلة، والتي لا يُستغنى عنها لارتباطها الشديد بكرسي الحكم الاجتماعي المطلق.

لقد عانت دول أوروبا في الحقبة المظلمة من تاريخها بذات الصراعات بين الخيارين، وانتصرت بفصل الدين عن الدولة وبلورة مفهوم المواطنة الجامعة وسيادة القانون بدلا من الأعراف والتقاليد والعادات وبذلك انتهت الصراعات العرقية والدينية، ووضعت العدالة عموداً أساسياً لأنظمة دولها التي ترتكز على العلم والتعليم والمعرفة ضمن نظام تربوي رفيع المستوى.

أننا اليوم أحوج ما نكون، بعد تجارب البلاد المريرة سياسياً وعسكرياً إلى سيادة العدالة والبحث عن بديل يتناغم مع بيئتنا وقواعدها الاجتماعية، بديل يحفظ للدين مكانته ويصونُ احترامه وهيبته بفصله عن السياسة، وتعزيز احترام التركيبات القبلية ورموزها بإبعادها عن أيِّ تدخُّل في النظام السياسي والقضائي، الذي يمنع بالمطلق أي تنظيم أو نشاط سياسي في المؤسسات التعليمية والعسكرية والأمنية والقضائية، بما يحصِّن المجتمع، وينأى به من أي تناحُر أو انقسام يمسُّ السلم والأمن المجتمعي.

1

التعليقات :

اكتب تعليق

بيان صادر بشأن غلق قناة البغدادية الفضائية واعتقال عدد من كوادرها
البطاقة الشخصية: الشاعرة والإعلامية السورية آلاء أبو الشملات
سبع سنوات عجاف من الوعود… وسؤال يُربك الحكومة
مؤسسة السوسن العالمية تتوّج جويي طوق بلقب ملكة جمال آسيا – لبنان لعام 2025
جمهور الفن يطالب بتكريم قامة الموسيقى هلكوت زاهير في “جوي أورد”
السوسن العالمية” تحتفي بروّاد الأعمال في حفل جوائز النخبة لعام 2025 في أربيل
المداواةُ بالتي كانت هي الداءُ
ضمن اعمال رمضان 2025….. الفنان الشاب أمير إحسان يخوض تجربة درامية جديدة بمسلسل كويتي
الإعلامية إسراء الطائي تتعرض لحادثة عنف أسري وتصاب بكسور
الفنان امير احسان يخوض تجربة جديد في رمضان 2025
“السوسن” العالمية تكرّم رئيس مؤسسة ملكات جمال العرب بلقب (سفيرة الجمال الدولي )
المؤيد يبحث تعزيز التعاون مع نائب رئيس غرفة التجارة الامريكية وتطوير اللوائح التنظيمية
الاصوات الداعية الى حل الحشد الشعبي زائلة وهي أصغر من ان يرد عليها
اليوم العالمي للغة العربية: احتفاءٌ بالهوية والإرث
مشروع الدفع الإلكتروني لتعزيز الاقتصاد الرقمي في العراق
التعداد العام للسكان 2024
اسود الرافدين فوز مستحق في مواجهة صعبة
التعداد السكاني بالجمهورية العراقية بعد اكثر من 27 عام
العراقية فاطمة الزهراء سعد: قصة كفاح وتميز في وجه الصعوبات
جريمة مروعة تهز العراق: مقتل طفل يبلغ 9 سنوات نحراً والبحث عن الجاني
الاعمار والاسكان تباشر بصيانة عدد من مشارع الطرق والجسور في المثنى
السعداوي: يشجب تصريحات السفير السعودي في بغداد ثامر السبهان
الدراجي:  يزور الشركة العامة للصناعات الغذائية ويؤكد على ضرورة وضع نظام فعال للارتقاء بواقع الإنتاج والتسويق
الشهرستاني: يبحث مع ممثلي الجامعات البريطانية تطوير التعاون المشترك وتخفيض الاجور الدراسية للطلبة العراقيين  
الموافقة على تطبيق تجربة خصخصة الكهرباء في بغداد.. هل ستختفي المولدات؟
السوداني يوجه الوزارات والجهات المعنية بسرعة تنفيذ القرارات الخاصة بالمرأة
بالتزامن مع اليوم العالمي للطفولة….. التخطيط تطلق نتائج المسح العنقودي متعدد المؤشرات الجولة السادسة لسنة 2018 في العراق
القضاء الأعلى يعلن إسناد المخالفات المحالة من هيئة الإعلام والاتصالات
دولة “مجهولة” تجري تجارب لإيقاف شبكة الإنترنت
التميمي تطمئن: اوضاع البنك المركزي مستقرة وهذا ضمانة لتحريك الاقتصاد العراقي
معالي وزير التربية يعلن إطلاق رواتب مديرية تربية نينوى لشهر آذار
رئيس محكمة استئناف ميسان الاتحادية يطالب الأجهزة الأمنية بتنفيذ أوامر القبض القضائية في المحافظة.
لا لسبي النساء الايزيديات.. ندوة في دار الثقافة والنشر الكوردية
اعدام (12) من أقرباء عناصر داعش الذين يعملون في الأجهزة الأمنية في الموصل
انفجار عبوة ناسفة داخل احد المنازل في حي الصحة ببغداد
تربية الكرخ الثانية تحتفي بكوكبة من التربويين الرواد
شبكة العلاقات والاعلام الاخباريه في لقاء حصري مع مدير تعبئة غاز التاجي .
الخيكاني: احالة مشروع تأهيل وتعريض طريق العام (كوت – بغداد)
العمل تطلق سراح ( 37 ) حدثاً من مختلف الاقسام الاصلاحية خلال تموز الماضي
الفنون الجميلة: تنجز اكثر من 20 جدارية فنية داخل المدينة الجامعية
"عيون " تحتفي بالمبدعين من الفنانين والإعلاميين لعام 2015. " وفد رابطة الإعلاميين الشباب يطمئن على صحة المراسل الحربي "علي نجم" إعدام صوت الحق والحرية الشيخ نمر باقر النمر الأعمار:  شركة أشور العامة توقع عقدا مع مديرية البلديات العامة لتنفيذ عدد من المشاريع الخدمية في المثنى وذي قار الاعرجي: ينتقد بشدة ضرب التحالف للجيش العراقي ويطالب بتسليم الجناة فورا للقضاء العراقي البصرة عاصمة لقمع حرية التعبير وهجرة الصحفيين!!. التركمان يعلنون قرارهم من "تكنوقراط" العبادي الجابري: تشرفت خشبة المسرح الوطني باعتلاء الفنان عبد المرسل الزيدي قبل رحيله الحكيم يدعو لتقييم جاد وعلمي للحكومة العراقية بمناسبة مرور عام ونصف على تشكيلها الخيكاني يبحث مشروع تنفيذ الطرق الحدودية الرابطة بين العراق والدول المجاورة الدراجي: يعقد اجتماعاً لبحث آليات العمل بعد عملية دمج الشركات الدكتورة أمال كاشف الغطاء تحاضر عن علاقة الدين بالدولة الراوي....جهودنا مستمرة لمواصلة لم الشمل بين طوائف شعبنا الرمادي تحررت من داعش السيف مقابل اللسان الفتلاوي :تدعو وزارة الصحة الى تخصيص مليارين لعلاج مرضى الثلاسيما في ذي قار الفتلاوي: يجب أبعاد أدارت صحة ذي قار والتربية عن المحاصصة الحزبية الفهداوي: يفتتح محطة كهرباء الديوانية الغازية بطاقة اجماليه 500 ميكاواط الكيمياء الحياتية الطبية في كلية طب المستنصرية يباشر بتدريب الطلبة في المركز الوطني لعلاج وبحوث السكري المالكي: يدعو نقيب الصحفيين ورؤساء النقابات المهنية الى الطعن بفقرة رفع الدعم عنها المرصد العراقي للحريات الصحفية يدين اعتداء عناصر من قوات سوات على صحفي في الديوانية الموارد المائية تعلن عن تأسيس جمعية للمنتفعين من المصدر المائي المشترك الوائلي:  تحرير الرمادي تحقق بالإرادة والإصرار والدماء الزكية لأبناء الشعب العراقي الوائلي: الحكم بالإعدام على منفذي جريمة سبايكر قد أنهى الخطوة الأولى في هذه القضية " الوسطية والإعتدال هما الطريق الأصلح لإدارة البلاد بيان صادر من قيادة العمليات المشتركة/ خلية الاعلام الحربي تنعى رابطة الإعلاميين والصحفيين الشباب الزميل حميد عكاب مدير قناة العهد الفضائية جهاز مكافحة الارهاب يعلن اعتقال 12 عنصراً من "داعش" في الرمادي حزب الدعوة الاسلامية يستنكر اعدام الشيخ المجاهد نمر النمر في السعودية خطيب جمعة المنطقة الخضراء: التحدي الاقتصادي الذي يواجه العراق اخطر من داعش ذَهَبَتْ سَنَةٌ فَهَلْ يُقبلُ عَامٌ؟! رأي اليوم ... إعدام عالم الدين الحر الشيخ نمر النمر رئيس البرلمان : المجتمع الدولي مطالب بتحمل مسؤولياته إزاء حالة الدمار والمآسي التي تشهدها المناطق المحررة رئيس البرلمان : تحرير الرمادي انكسار لشوكة داعش ونقطة انطلاق لتحرير نينوى رابطة الإعلاميين والصحفيين الشباب تنعى ( سيف طلال وحسن العنكبي) من قناة الشرقية صحف اليوم: تهتم بـ تداعيات إعدام النمر وتعهد الحكومة بتوفير رواتب الموظفين والمتقاعدين خلال العام الجاري طـــل الصبــــاح أولك علوش عمليات بغداد: احباط عملية انتحارية عيد ميلاد سعيد والدعو الى التعايش والتسامح والمحبة قائد عمليات الانبار :انطلاق عملية عسكرية لتحرير قاطع شرق الرمادي كورك "تيليكوم" تشارك الطائفة المسيحية احتفالها في مبادرة إنسانية مقتدى الصدر يجدد دعمه للأسرة الصحفية العراقية ويشيد بتضحياتها منع وسائل الإعلام العراقية من تغطية فعاليات مؤتمر البرلمانات الإسلامية في بغداد نقيب الصحفيين يحذر من تهميش الاسرة الصحفية ويؤكد : سيكون ردنا قاسيا لا تتوقعه الحكومة والبرلمان وزيرة الصحة والبيئة توعز بتخصيص جناح لمعالجة جرحى الحشد
استفتاءات

رأيك بتصميم الموقع

View Results

Loading ... Loading ...
تابعونا على الفيس بوك